الأحد، 26 أكتوبر 2008

الساعة البيولوجية ...... استجابة لنداء الحياة

الساعة البيولوجية ...... استجابة لنداء الحياة (الجزء الاول)

د. رياض خليل البرهاوي                       د. أسامة محمد سعيد النعيمي

قسم علوم الحياة / كلية العلوم / جامعة الموصل

 

تشير المصادر العلمية الى ان اول من لاحظ ظاهرة الساعة البيولوجية في النباتات العالم (Androthenes) ... (400 سنة قبل الميلاد) ؟ والذي كان يعمل لدى الاسكندر الأكبر بعد تلك الفترة ولمدة طويلة تتابعت الملاحظات والدراسات حول الظاهرة ولحد الآن وعلى الرغم من كل هذه الدراسات البسيطة منها والمتعمقة الا أن السؤال المحير لازال باقياً ولم يتم العثور له على إجابة وافية ، ماهو نظام التوقيت الداخلي بالتحديد ؟ في خمسينيات القرن الماضي كانت الأمور تتجه نحو إجراء دراسات معمقة حول ظاهرة الساعة البيولوجية ولم يقتصر العمل على النباتات بل تعدى الأمر إلى الحيوان والإنسان كما واصبح تأثير طول النهار جلياً في تأثيره على الكائنات الحية والذي هو انعكاس للارتفاع عن سطح الأرض والذي يعكس تأثيره على الفعاليات الحيوية المهمة كما أصبح مصطلح التعاقب الضوئي (Photoperiodism) جلياً في تأثيره على عملية التزهير في النباتات وكاستجابة لطول او قصر النهار ولم يقتصر الامر على تأثير ضوء النهار بل تبين بان طول فترة الظلام ذات اهمية بالغة في تأثيرها كل هذه الامور تلخص حقيقة واحدة وهي أن النباتات لها القابلية على قياس فترة الاضاءة (النهار) والظلام (الليل) وهناك أدلة قاطعة على أن للحيوانات نفس القابلية كما ان انعكاسات هذه الظاهرة عديدة ومتنوعة تتمثل في (تحديد طبيعة اللون ، توقيت فترة التزاوج ، وهجرة الطيور ...... وغيرها) .

 

شواهد من عالم النبات :

1.  تحتوي اوراق النباتات على الثغور والتي تتباين انواعها واعدادها وطرق توزيعها في النباتات المختلفة وهي بمثابة فتحات للتبادل الغازي مابين النبات والمحيط الخارجي ووسيلة للتخلص من بخار الماء ويتم حراسة الثغور بواسطة خلايا حارسة وعند دخول الماء الى الخلايا الحارسة يزداد الضغط الانتفاخي ويتم بذلك فتح الثغرة ويحصل العكس تماماً عند خروج الماء من الخلايا الحارسة . ولغابة سنة 1968 كان هناك قناعة كاملة بان عملية فتح الثغور يرافقها تراكم لايون البوتاسيوم K+ في الخلايا الحارسة وكلما كان هناك تراكم لهذه الايونات يرافقه تراكم لايونات الهيدروجين H+ خارج الخلايا الحارسة ومن هذا التوزيع البسيط للايونات تنشأ مضخة البروتونات وذلك بتكسير ATP الى ADP + فوسفور .

ماعلاقة كل ذلك بفتح وغلق الثغور ؟ وماهو الشيء الذي ينظم هذه العملية ؟!

لقد تبين بان الطيف الازرق من ضوء الشمس (الطول الموجي 422 نانوميتر) هو اشارة البدء لعملية فتح الثغور هذه العملية تترافق مع امتصاص صبغة الفلافين لهذا الطول الموجي والتي بدورها ترسل ايعازات تظهر بشكل استجابة سايتوبلازمية والتي تنتهي بتفعيل المضخة البروتونية . كذلك هناك مستقبل في الغشاء البلازمي للخلايا الحارسة والتي تعمل على تقليل من عمل مضخة البروتونات عند ارتفاع تراكيز ثاني اوكسيد الكربون وكما هو الحال عند توقف عملية البناء الضوئي (حامض الابسيسك [ABA] ايضاً بسبب غلق الثغور خصوصاً في الاوراق الذابلة) . 

اذا تم حفظ النباتات في الظلام سوف يتم فتح وغلق الثغور خلال 24 ساعة كما لو ان هذه النباتات تستجيب لاشعة الشمس خلال النهار واختفاء ضوء الشمس خلال الليل !! هذا يدل ببساطة على ان هناك نوع من الساعة الداخلية والتي تحفظ الوقت بدقة لكي تستمر الحياة بصورتها الطبيعية .

 


 

2.  النمو غير المتساوي والناتج عن الاتصال باشياء صلبة يطلق عليه (Thigmotropism) وكمثال على هذه الاستجابة التفاف المحاليق او السيقان في النباتات (مثل زهرة الصباح) فالنبات ينمو الى أن يتصل بشيء ما ! عندما تصبح الخلايا في تماس مع ذلك الشيء والجزء المتصل ينمو أقل من الجهة المعاكسة حيث يلاحظ فيها استطالة . هذه العملية تكون سريعة بحيث يتم الالتفاف على الاجسام خلال عشر دقائق . وتستمر هذه العملية باستمرار ويمكن ان تدوم لعدة ايام في مواقع مختلفة من النبات . الاستجابة يمكن ان تتأخر في ظروف الظلام وتعاود نشاطها بقوة عند وجود الضوء . لقد تبين من خلال الدراسات بأن (ATP) (الادينوسين ثلاثي الفوسفات) وليس الضوء ! هو المسبب لهذه الاستجابة لذلك يمكن الخروج باستنتاج مفاده بان الحاجة الى الضوء ربما ببساطة هي تلبية الاحتياجات من ATP وكذلك الحال بالنسبة لهرمونات الاوكسين والاثيلين التي تساهم في عملية الالتفاف والانحناء حتى في عدم وجود تماس مباشر ؟! ان الاستجابة للمحفزات او التأثيرات المناخية هي جزء من هذه الظاهرة (Thigmotropism) والتي بموجبها يتحفز النبات بأكمله لتأثير معين (الرياح مثلاً) .

 

المحاليق في نبات زهرة الصباح

ليست هناك تعليقات: